نشر الجارديان حوارًا مع الصحفي الفلسطيني وائل الدحدوح، مراسل قناة الجزيرة، تناول فيه معاناته الشخصية بعد فقدان عائلته تحت القصف الإسرائيلي، وصراعه الداخلي بعد مغادرة غزة، إلى جانب دعوته لدعم الصحفيين الفلسطينيين.
لم يتوقف الدحدوح عن العمل رغم المآسي. عاد إلى الكاميرا فورًا بعد مقتل زوجته واثنين من أطفاله وحفيده في غارة إسرائيلية في أكتوبر 2023. وبعد سبعة أسابيع، واصل التغطية رغم إصابته ومقتل زميله سامر أبو دقة خلال غارة أخرى استهدفت مدرسة.
وفي يناير 2024، شارك في جنازة ابنه الأكبر حمزة، المصور الصحفي الذي قُتل في استهداف مباشر لسيارة تقل صحفيين. ورغم حزنه، استمر في التغطية حتى أقنعه أهله بمغادرة غزة في الشهر نفسه.
يقول الدحدوح: "عندما غادرت غزة، شعرت كأنني سُمّمت. كثيرًا ما يكون الألم في الخارج أشد من الداخل، ويزداد كلما شاهدت مأساة جديدة في غزة تصيب الصحفيين أو أهلي أو شعبي". ويضيف: "على الأقل عندما كنت داخل غزة، شعرت أنني أؤدي دورًا نافعًا، أنقل معاناة الناس والمجازر التي واجهتهم".
رغم إصابته، يواصل الدحدوح نشاطه خارج غزة من خلال لقاءات دولية. ألقى مؤخرًا كلمة في جوائز العفو الدولية للإعلام 2025، حيث دعا إلى التضامن مع صحفيي غزة، ونال جائزة تقدير لدوره في الصحافة الحقوقية. وقال إن هذا النشاط يمنحه شعورًا محدودًا باستمرار رسالته.
وفق نقابة الصحفيين الفلسطينيين، فقد قُتل ما لا يقل عن 225 صحفيًا ومراسلًا في غزة منذ بداية الحرب الإسرائيلية. واضطر كثير من الصحفيين المخضرمين إلى الخروج بسبب الخطر، وتركوا المجال لجيل جديد من الشباب الذين يعملون وسط الجوع والموت والخيام.
يرى الدحدوح أن الصحفيين الجدد يدمجون بين المهارات التقليدية والصحافة الشعبية عبر وسائل التواصل، التي تنقل الأخبار من مناطق يصعب الوصول إليها بسبب الخطر. ويؤمن أن الجيش الإسرائيلي يستهدف الصحفيين عمدًا، ويعتقد أن عائلته استُهدفت بسبب عمله، لكنه يثق بأن الصحفيين سيواصلون العمل تحت أي ظرف.
يقول: "استمددت قوتي من الله. وحده منحني القدرة على تحمل الألم والعودة إلى العمل كأن شيئًا لم يحدث. لا خيار للناس، لا مستشفيات، لا بيوت، لا أماكن آمنة. ظهرك للحائط، ولا تملك إلا الاستمرار".
في صورة مؤلمة، ظهر الدحدوح عند قبر ابنه حمزة، واضعًا يده على خوذته الزرقاء التي كُتب عليها "صحافة". ويقول: "كنت أتمنى أن تكون دماء حمزة آخر ما يُراق من دماء الصحفيين والمدنيين، لكن بعد هذه الأشهر الطويلة، الدماء لا تزال تسيل".
أكثر من 140 مؤسسة إعلامية وحقوقية وقّعت مؤخرًا على بيان مشترك مع لجنة حماية الصحفيين ومراسلون بلا حدود، طالبوا فيه إسرائيل بالسماح للصحفيين الأجانب بدخول غزة، واعتبروا القتل والتهجير والتهديدات الموجهة للصحفيين الفلسطينيين "هجومًا مباشرًا على حرية الصحافة وحق الوصول إلى المعلومات".
ختم الدحدوح حديثه بدعوة للصحفيين في العالم: "أريد أن أرى زملاء المهنة يستخدمون ضمائرهم وأخلاقهم والقانون الدولي لنصرة إخوانهم في غزة. عندها فقط نشعر أننا لم نُترك، وأن العالم لم يصمت على قتلنا".
https://www.theguardian.com/global-development/2025/jun/11/media-gaza-israel-wael-al-dahdouh-palestinian-journalist-war-reporter-family-victims